Saturday, June 21, 2008

السعد ... واللــــــــــــيمى
الانطباع الأول هو الذى يرسخ فى الذهن ويبقى إلى أن تغيره الظروف والحقائق , هذا ما حدث لى فى طفولتى ...أنا من جيل تربى على الراديو والإذاعة ومازال الراديو هو الأقرب والأكثر حميمية إلى نفسى , كان لدينا فى بيت الأسرة راديو كبير ألمانى الصنع له عين سحرية خضراء تصدر ظلالا كلما ولفناه على محطة ما وكان يأتى بموجاته العديدة وهوائيه المنشور فوق سطح المنزل بمحطات بعيدة مثل الهند وروسيا , كنا نسمع منه أغانى الصباح ونحن نشرب الشاى واللبن ونلمع حذاء المدرسة ونعبىء الحقبية بالكتب , تربينا على بابا شارو وجرب حظك وما يطلبه المستمعون وساعة لقلبك وأضواء المدينة وعلى الناصية وفوازير بيرم التونسى و46120 إذاعة والغلط فين ( كل غلطه 75 قرش ) وعواد باع أرضه وأدهم الشرقاوى وألف ليله وليلة ومسلسل 5 وربع سمارة ونشرات 2:30 وتعليق الإذاعة ... كان الراديو نافذة الثقافة الأولى ومازلت أنام والراديو مفتوح بجانبى أسمع مابين الصحو والنوم أجمل البرامج الليلية التى تستضيف عمالقة الفن والأدب والعلم وتبدا بعد منتصف الليل عادة .. المهم نعود لموضوع الانطباع الأول ... ضمن ماكنت أستمع أغانى المطربين مثل عبد الحليم ومحمد فوزى ونجاة وصباح وغيرهم ... كان لمحمد فوزى أغنية اسمها ( السعد واعدنى ) يقول فيها ... السعد واعدنى ...
والليـــــــمى واعدنى .... ثم يكررها ويقول والليــــــمى واعدنى جانى .... جانى جانى ويعاهدنى ....تخيلت وفهمت بعقلية الطفل وقتها أن محمد فوزى واعده شخصان من أصدقائه هم على الترتيب : السعد وهو الصديق رقم واحد
والليـــمى : وهو الصديق رقم 2 وذلك اسم الكنية خاصته ( مثل ميمى –حوده – اللمبى –سمعة) وهكذا ... وقد اعتبرت السعد صديقا خائنا لأنه لم يأتى فى الموعد المحدد .... أما الليـــمى فهو مثال الرجولة لأنه لم يكتفى بالحضور لملاقاة محمد فوزى ... بل زاد على ذلك بالمعاهدة على المزيد من اللقاءات ... بدليل سعادة المغنى به وتكراره لفول جانى جانى ويعاهدنى وفى صوته سعادة بادية بعكس نبرة صوته وهو يغنى كلمة السعد الذى واعد وطنش ولم يحضر ... كنت أحترم الليـــمى ... وأحتقر السعد جدا لفرقعته محمد فوزى وشكواه اليومية منه فى الإذاعة ..... ظللت على هذا المفهوم دهرا ... إلى أن انجلى عقلى أن الليـــمى = اللى مواعدنى أى الذى واعدنى ... واتكسفت جدا من سوء ظنى بالأخ (السعد) واحتقارى له طول عقد من الزمان دون جريرة أو جرم يذكر ... وزال أيضا احترامى للشخص الوهمى ( الليـــــمى ) الذى تحلل إلى مقطعين واستغفر الله على سوء الظن
أما الأغنية التالية فقد كانت لليلى مراد : كانت تقول فبها : منايا فى قربك اشوفك سعيد :. واشوفلك فى جنبك ده شىء موش بعيد ... وتكررها موش بعيييييييييييييد .... هكذ فهمت الكلمات وقتها ... وكنت كلما سمعت هذه الأغنية تتردد فى الراديو ؟؟ أتعجب ... كيف يمكن لمطربة رقيقة كليلى مراد أن تلح فى طلب فتح أو شق جانب حبيبها ,, والبحث فيه واستخراج كليته أو ربما الكبد و فحصه؟؟ ربما للبحث عن حصوة.. أو لسرقته وزرعه لمريض آخر .. ازاى تصر على العبث فى جانب الحبيب .. وتتمنى له السعادة قبلها ... وتشير إلى ان الشىء المطلوب البحث عنه قريب ( ده شىء موش بعيد وتكررها مع التأكيد !! موش بعيييييييييييييد) أى أنه تحت الجلد مباشرة ... اتها الكلى دون شك .. وأقول لنفسى وقتها ربما كانت تريد التأكد من صحته قبل الزواج به وعدم نزوله الترعة وإصابته بالبلهارسيا .. مجرد فحص زى شكة الدبوس وموش بعيد .. فلن يصل للقولون ولا للمرارة ... لم يزول هذا الظن من عقلى إلا عندما سمعتها من فرقة الموسيقى العربية أتارى الكلام واشوف نفسى جنبك) وليس : أشوفلك فى جنبك كما تصورت وأنها –ليلى مراد- ليست لديها أى رغبة _رحمها الله _ فى عمل أى تدخل جراحى فى جانب الحبيب ولا أى نية فى استخراج أحشائه للشوف والفحص الإكلينيكى الذى صوره لى عقلى الصغير ... انه السمع الأول والانطباع الأول الخاطىء

1 comment:

Hama Monahem said...

عزيزى ماكس المكوس
كأنك تعبر عن ما كان يجول بخاطرى فى تلك الأيام من مرحلة الطفولة. وربما تذكر مقطعا فى أغنية لعبد الحليم حافظ يقول فيه"... وافترقنا كل واحد فى طريق خالى طويل..." وافترة ليست بالقصيرة، ظل المعنى الذى استقر فى مخيلتى أن شقيق والدة عبد الحليم يدعى "طويل" وأن الحبيبين قد افترقا وهما فى الطريق إلى بيت هذا الخال.
مع حبى
هاما مناحم